مأمون الجانب: صفة نبوية فريدة

من الصفات المُميَّزة جدا في شخصية النبي -صلى الله عليه وسلم- وكل صفاته جميلة: أنه ” لا تُخشَى بوادِرُه” يعني باختصار: أنه مأمون الجانب لا يُفاجئك بما تكرَه.

فمع كونه عليه السلام شديد الهيبة يملأ العين والقلب، لدرجة أن الأعرابيّ عندما رآه ارتعدت فرائصه من شدة الهيبة، ثم هدَّأ النبي – صلى الله عليه وسلم- من رَوعه، مع ذلك كان مأمون الجانب، يعني مثلا في حديث إجارة ابنته السيدة زينب لزوجها أبي العاص بن الربيع دون أن تُخبره، هي مطمئنة تماما إلى أنه لن يُوحشها ولن يسوءها، لِما تعلم من رحمته ورأفته ولِين جانبه، وعائشة رضي الله عنها تجري على طبيعة النساء في الغيرة وتوابعها وهو يرى ويسمع ولا يقهرها ولا يُعنِّفها، وعمر رضي الله عنه ينزعج من مراجعة أمهات المؤمنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويحاول أن يَعِظهن موعظة خشنة، حتى تتدخل السيدة أم سلمة وتُغلظ له وتقول: ما دخولك بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسائه! ومع ذلك لم يُعنّفه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُوحش قلبَه، والأعراب الجفاة وما كانوا يرتكبونه في حضرته ومجلسه، فأحدهم يبول في المسجد، والآخر يجذبه من ثوبه ويقول له أعطني من مال الله فإنه ليس مالك، يتلقّى النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك بصدر رحب واسع ويعفو ويصفح ويتجاوز، لا يُوغر الصدور ولا يُوحش النفوس.

سَهْلُ الخَلِيقَةِ، لا تُخشى بَوَادِرُهُ
يَزِينُهُ اثنانِ: حُسنُ الخَلقِ وَالشِّيَمُ.

من قناة أفكار وأسمار على التليجرام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *