لماذا يجب أن نصبح فضوليين؟

في 15 أبريل عام 1452م ولد موسوعي يعتبر من أكثر الأشخاص تأثيرا في تاريخ البشرية، إنه ليوناردو دافينشي، عندما تسمع اسمه غالبا سوف يخطر في بالك هذا الرسام المبدع الذي رسم أشهر اللوحات الموجودة حاليا مثل الموناليزا و لوحة العشاء الأخير، لكن الذي لا تعرفه أن عذا العبقري كان له أثر كبير في أغلب مجالات حياتنا، فقد كان رساما، مهندسا، عالم نبات، عالم خرائط، جيولوجيا، موسيقيا، نحاتا و معماريا كل هذه الاختصاصات جعلته بنظر أغلب المؤرخين و العلماء بأنه كان أكثر الأشخاص فضولا في تاريخنا المعاصر.
وجود شخص مثل دافينشي يجعلنا نسأل سؤالا جوهريا، لماذا نحب أن نكون فضوليين؟
في كتاب: لماذا؟ ما الذي يجعلنا فضوليين؟ يناقش الكاتب و العالم الفيزيائي ماريو ليفيو ما الذي يحدث لعقلنا عندما نشعر بالفضول، حيث تحدث عن تجربة لمتطوعين وضع على رأسهم جهاز ال FMRI و الذي هو جهاز يصور نشاطات الدماغ عن طريق الرنين المغناطيسي لكي يبين أي أجزاء الدماغ تعمل عندما تقوم او تشعر بشيء معين، و اتضح أنه عندما نبحث في مجال معين فإن مناطق من القشرة الأمامية الجبهية الجانبية في الدماغ سوف يتم تنشيطها، هذا يجعلك تشعر من النوع الترقب لشيء ما، لهذا كانت التجارب تشير على أن الفضول المعرفي يثير حالة من المكافأة و هذا يشير على أن الفضول العلمي له قيمة كبيرة في أذهاننا.
هناك دراسة أيضا كانت من قبل عالم النفس في جامعة كاليفورنيا شاران راغنانث على بعض المتطوعين وجدت أن عقل الإنسان يتذكر المعلومات أكثر إذا كان فضوليا بشأنها و رأى أيضا عندما جعل المتطوعين يشعرون بالفضول فإن دماغهم سوف يفرز مادة كيميائية تعتبر من النواقل العصبية تدعى الدوبامين و هي المسؤولة عن السعادة و الفرح و هذا يجعلنا نرى بأن الفضول هو وسيلة لتعديل المزاج و كما أن الدوبامين أيضا يلعب دورا في تعزيز الخلايا المسؤولة عن التعلم، و المثير بالموضوع أيضا هو أن الباحثين رأوا أنه عندما تكون فضوليا بشأن موضوع معين فإن عقلك سوف يستقبل كل المعلومات حتى المعلومات المملة و التي ربما تكون غير ضرورية.
لكن الأبحاث التي كانت أكثر دهشة عن الفضول هو أنه يحد من الشيخوخة!
في عام 1996 اتبعت دراسة طويلة ل 1118 شخصا مسنا تتبعت مستويات فضولهم حول عالمهم، و أولئك الذين أظهروا مستويات عالية من الفضول كانوا أكثر عرضة للبقاء أحياء بعد خمس سنوات من التجربة، و لكن كيف يحدث ذلك؟ اتضح بأن الدوبامين تكون أقل انتشارا في أدمغة الأشخاص الذين يعانون من الشيخوخة، و هذا يرتبط بالتدهور المعرفي عندهم، أي أنه كلما نشط الدوبامين في الجسم كلما حد من حدوث الشيخوخة.
في النهاية نعود لماريو ليفيو الذي تحدث في لقاء صحفي مع جريدة The New York Times المشهورة وصف فيها الفضول بقوله:
“الفضول يلهم أكثر الأشياء إثارة في حياتنا ، من المحادثة إلى قراءة الكتب إلى مشاهدة الأفلام. إنه يقود جميع البحوث العلمية والتعليم. الكائنات الأخرى فضولية ، لكنها لا تملك القدرة على التساؤل عن السبب “لماذا”. هذا ما يجعل الإنسان فريدا, أعتقد أن الجميع يجب أن يكونوا فضوليين بشأن الفضول”
وهكذا نرى بأن الفضول من أهم الأشياء التي تميز الإنسان عن غيره و هو الذي نقلنا من إنسان الكهف إلى الإنسان المتحضر المتطور. و نحن لا نعلم أيضا إلى أين ممكن أن يأخذنا في المستقبل!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *