لماذا مع التقدم العلمي تنحضر الاخلاق؟!

من الصفر إلي NETFLIX

منذ ألاف السنين قبل الميلاد حتى القرن التاسع الميلادي، كان كل شيء بخير عدا الفراغ الذي استحال سده في أنظمة هذا الزمان العددية و المعاملات الحسابية. حتي جاء العالم الإسلامي “الخوارزمي” و سد هذا الفراغ .. سده بلا شيء !
إكتشف “أبو جعفر الخوارزمي” العدد صفر و اكمل ذلك الفراغ في المنظومة العددية ثم منحه الله الإلهام لابتكار علم “الجبر والمقابلة” وغيرها من الانجازات العلمية في الفلك وعلم “وجه الأرض” (الجغرافيا حاليا) . ودارت عجلة الزمان وتنحدر الحضارة الإسلامية و ينشأ عصر النهضة في الغرب علي مؤلفات و إنجازات علماء الحضارة الإسلامية .
من هنا يا صديقي بدأ سيل شقاء الانسانية الذي يغمرنا فيضانه الان، هل تتخيل ان كل ما نعيشه الآن من أعراض جانبية للتقدم التكنولوجي والغزو الرقمي من ضياع الاخلاق و انحدار الذوق العام ومسخ الحضارات بعضها البعض و تقلص الجانب الروحاني و المعنوي في حياتنا بسبب سيطرة المادية العدمية وليدة الوجه القبيح لعصر النهضة الغربية وهو الرأسمالية.
هل تتخيل ان من يقف وراء كل هذا هو الصفر ؟! فبدون الصفر ما تطورت علوم الرياضيات الي حالها الان و لا ظهرت نظرية “النسبية” ولا نظرية “ميكانيكا الكم” فنكون في غنى عن الصداع الذي يسببه لنا مجادلات و خلافات أنصارهما. ولا اكتشفت الطاقة النووية فُرحمنا من عناء “تشيرنوبيل” و “فوكوشيما” باليابان وما ترتب عليهما من دمار و اشعاعات تصاحبها سرطانات و كوارث أخرى تعانى الإنسانية من أهوالها الى الان. وما حدثت فاجعة “هيروشيما وناجازاكي” ولا احُتلت “العراق” بحجة أسلحة الدمار الشمال فضاعت “العراق” وحُرقت نصف مكتبة “بغداد” و استولى “العم سام” علي ثروات “العراق” البترولية.
بدون الصفرماوجدت رياضيات “الإحصاء والاحتمالات(Probability and Statics )” التي ساعدت في تأكيد تنبأت نظرية التطور “لتشارلز داروين”. فوجد الملحدون غطاء علمي لترويجهم افكار العدمية و ان لاوجود لخالق و لا نظام، إنما هو انتخاب طبيعي يعطي للأقوى تكيفنا فرصة للتطور و ينقرض من لا يتكيف، وتزعزعت الأديان في القلوب الشابة و ضل الطريق كل قارئ و مفكر شاب بسبب غياب الخطاب الديني العصري و قلة رجال الدين العالمين حقا بجوهر الدين و هدفه. و المحصلة انهم لا تركوا المتدين يعيش في سلام داخلي ولا أضافوا نافعا بتحررهم المزعوم و إلحادهم الضال.
بدون ذلك الصفر اللعين يا صديقي ، ما وجدت الكهرباء ولا نظام “الأعداد الثنائي (Binary Numbers)” فما اُخترع “الترانزستور” الذي هو أساس الغزو الرقمي الذي نعيشه الآن .
لن أحدثك عن اهوال التكنولوجيا الرقمية والسوشيال ميديا و المنصات الإعلامية فأنت تعاني اهوالها يوميا ولا تحتاج من يذكرك بها. ولكن ما يحيرني ان على الرغم من أننا نعيش فى حقبة زمنية خالية من الحروب العالمية و الكوارث النووية الا اننا شباب هذه الحقبة نصنف كأكثر الأجيال تعاسة وشقاء على مستوى التاريخ الحديث، فأغلبنا يعاني من الارق و الاكتئاب و تقلب المزاج. نعاني من الانحدار الأخلاقي الحاد و تدهور شديد في الذوق العام . فما السبب في ان زمننا يتميز بزيادة الجانب الضار و الاعراض الجانبية للتطور التكنولوجي و العلمي عن كل زمان سبق.فلا احد عاقل ينكر الأوجه الإيجابية والإنجازات البشرية في شتى المجالات التي يرجع الفضل فيها للصفر و لكن فى الازمنة السابقة تشعر بتوازن ولو قليل بين ايجابيات و سلبيات التطور العلمي والتكنولوجي.
اما في زمننا فتشعر ان في كل شيء فخ ضمني ، فتجد ان اضرار “السوشيال ميديا” من انتشار الشائعات و تسليط الضوء علي المحتويات الغير هادفة و نماذج فنية هدامة لقيم المجتمع و الحس الفني و سيطرة الهوس الجنسي علي العقول. و زرع افكار و معتقدات في العقل الباطن للجمهور مثل تقبل و اعتياد الميول الجنسية الشاذة من خلال الأفلام والمسلسلات كما تفعل ذلك و باحتراف منصة “NetFlix” و غيرها من التلاعب المشين بالعقل الجمعي للمجتمعات.
هل حقا ان ما وراء كل ذلك هو الصفر ؟! ام ان الصفر حاله كحال أي اكتشاف علمي كديناميت “الفريد نوبل” الذي صنع لتسهيل العمل في المناجم فأستخدم في الحروب و قتل الإنسان للإنسان. و إن كان هذا صحيحا فما السبب الحقيقي الذي يدفع الإنسان لاستخدام إنجازاته العلمية التي هدفها في الأساس خدمة الانسانية و زيادة الحياة سعادة و رخاء، ما الذي يدفعه لاستخدام تلك الانجازات في تدمير الانسانية و التركيز على جوانيها السلبية اكثر من الايجابية.
ان اول إجابة تطرق العقل هو ان هناك كيان او محفل سري مسئول عن دفع الانسانية الي الهاوية. و هذا المحفل في نظرنا نحن العرب المسلمون هو “الماسونية” و “العم سام” وغيرها من الألقاب التي يداولها انصار المؤامرات الكونية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *