تصحيح المعايير: بين الشهادات الجامعية ومكانة الدين

من صور التجديد المنشودة في واقعنا اليوم: إعادة ضبط أفهام كثير من تصورات الناس حول بعض القضايا، وضبطها بالضابط الشرعي، وإعطاؤها قيمتها التي تستحقها من التقليل أو التعظيم.

والناظر في حياة عامة المسلمين اليوم يجد كثيرًا من القضايا عُظّمت وحقها الإهمال، وقضايا أُهملت وحقها التعظيم.

ومن نعمة الله على هذه الأمة أن حفظ لها الكتاب الذي أنزله عليها، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – الذي أرسله إليها، فيُهدى المسلم بما في هذا الكتاب، ويرتب أولويات حياته بحسب هذا النور الذي بين أيدينا والميراث النبوي العظيم.

ومن الأمثلة والتطبيقات على قضية تصحيح المعايير في الواقع: نظرة المجتمع إلى المدارس والجامعات، فهي نظرة في غاية التعظيم، وتُعطى فيها ما لا تستحقه من هذه العناية، مع كثرة ما فيها من إشكالات ليس هنا مقام ذكرها.

فتجد في كثير من هذه السياقات – وخصوصًا الجامعات -:

مَن يخسر استقامته بسببها؛ لكثرة ما فيها من فساد وانتشار للشهوات والشبهات، ومع ذلك لا يستطيع الخروج من هذا السجن المجتمعي حتى لا يقول عنه الناس: “فلان لم يدرس في الجامعة”، أو “فلان تخصصه ضعيف”.

كثيرًا من الأخوات المستقيمات يُضيّق عليها في حجابها، وفي مراعاتها للضوابط الشرعية، وتُرغم على الاختلاط بالرجال، ومع ذلك لا تستطيع الخروج من هذه الدائرة من أجل كلام المجتمع.

ويزداد البلاء بتأصيلات بعض المتشرعة بأن الدراسة في هذه السياقات من الضرورات الشرعية التي تبيح المحظورات، حتى أفتى بعضهم بجواز خلع الحجاب في بعض البلدان من أجل دخول المدرسة؛ لأن ذاك البلد فيه منع لدخول المحجبات المدارس.

يا قوم من الذي ضحك على عقولنا وأقنعنا بأن هذه ضرورات لا يمكن بأي حال الاستغناء عنها مهما كلفنا الأمر!

وهل إذا نظرنا في الشريعة وأردنا الاحتكام لها سنجد القضية كذلك؟ كلا والله.

ومَن أوهمكم أن هذه الشهادات هي مصدر الرزق الوحيد؟

إلى متى نبقى في هذا السجن مقيدين، ومن هويتنا منسلخين؟

ليست هذه دعوة لترك المدارس والجامعات بحال من الأحوال، لكنها دعوة لوضعها في مكانها الصحيح، وتذكير بقضية قلّ من يجرؤ بالحديث عنها، وتأكيد على مصدر عزة المسلم وهو دينه؛ ليتمسك به، ويقدمه على غيره مهما كان.

قناة مُحمد شُميس على التليجرام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *